لكي نضع الأمور في نصابها الصحيح، ينبغي أن نتعامل مع امتلاك مدونة على بلوجر وكأنه امتلاك مشروع حقيقي على أرض الواقع. هذه النظرة الواقعية تساعدنا على تقييم التجربة بموضوعية: هل بلوجر يمثل فرصة حقيقية لبناء مشروع ناجح؟ أم أنه مجرد مضيعة للوقت؟
فكما هو الحال مع أي مشروع تقليدي، النجاح لا يأتي عشوائيًا أو في وقت قصير. بل يحتاج إلى: رؤية واضحة وخطة مدروسة عمل جاد ومستمر تقديم قيمة حقيقية للجمهور الاستثمار في تطوير المهارات الصبر على النتائج
إذا تعاملت مع مدونتك على بلوجر بهذه الذهنية، فإنك لا تبني مجرد موقع، بل تؤسس مشروعًا رقميًا يمكن أن يُحقق دخلًا حقيقيًا ويترك أثرًا مستدامًا. أما إن دخلت المجال بلا هدف، أو دون التزام واستمرارية، فلن تختلف تجربتك كثيرًا عن شخص افتتح متجرًا ثم أهمله.
متى يعتبر المشروع ناجحاً؟
يعتقد البعض خطأً أن المشروع الناجح هو فقط من يحقق أرباحًا مرتفعة، وهذا تصور غير دقيق. في عالم الأعمال، سواء على أرض الواقع أو عبر الإنترنت، يُعتبر المشروع ناجحًا عندما يصل إلى نقطة التعادل، أي عندما تُغطي الإيرادات كافة التكاليف والنفقات دون تحقيق ربح أو خسارة.
هذه النقطة تُعد المرحلة الفاصلة التي تُظهر أن المشروع يسير في الاتجاه الصحيح، وأن هناك فرصة حقيقية لتحقيق أرباح مستقبلية.
للأسف، كثير من الأشخاص في العالم العربي لا يدركون هذا المفهوم، مما يدفعهم إلى التسرّع في الحكم على مشاريعهم، والتخلي عنها قبل أن تصل حتى إلى مرحلة الاستقرار.
عند إطلاق أي مشروع، من الطبيعي أن تكون هناك خسائر أولية، فأنت تستثمر في: شراء الأدوات أو البضائع التسويق والإعلانات البنية التحتية الوقت والجهد
هذه ليست خسائر عشوائية، بل جزء أساسي من دورة حياة أي مشروع ناجح. لذلك، على أي صاحب مشروع أن يُدرِك أن الربح لا يأتي فورًا، بل يبدأ من نقطة التعادل، ومنها تبدأ مرحلة النمو الفعلي.
من يفهم هذا المفهوم جيدًا، سيملك الصبر والوعي للاستمرار حتى يرى نتائج حقيقية ومستدامة.
ما هي نقطة التعادل Breakeven ؟
نقطة التعادل هي المرحلة التي يتوقف فيها المشروع عن تحقيق الخسائر دون أن يحقق أرباحًا فعلية. إنها لحظة الاكتفاء الذاتي، حيث تُغطي الإيرادات جميع التكاليف التشغيلية مثل: الأجور الخامات التسويق النفقات الإدارية
في هذه المرحلة، لا يربح المشروع شيئًا، لكنه أيضًا لا يخسر شيئًا. وهنا يُعتبر المشروع قد نجح فعليًا، لأن استمراره أصبح ممكنًا دون الحاجة إلى تمويل خارجي إضافي.
يُخطئ البعض حين يظنون أن النجاح لا يتحقق إلا بتحقيق الأرباح، في حين أن الوصول إلى نقطة التعادل هو أول إنجاز حقيقي لأي مشروع. أما الأرباح فهي نتيجة لاحقة، وتُعد تطورًا للنجاح، لا شرطًا أوليًا له.
والجدير بالذكر أن العديد من المشاريع، خاصة تلك الجادة والطموحة، قد تستغرق أشهرًا أو حتى سنوات للوصول إلى هذه النقطة. لذا فإن الحكم المبكر على المشروع قبل بلوغها يُعد من أكثر أسباب الفشل شيوعًا.
المؤسف أن بعض أصحاب المشاريع، بدلاً من الاحتفال بوصولهم إلى نقطة التعادل، يرون أنهم لم ينجحوا، فيتراجعون أو يتخلّون عن مشروعهم وهم على أعتاب الانطلاقة الحقيقية.
لماذا بلوجر مشروع مضمون النجاح؟
من بين مزايا منصة بلوجر التي تجعلها مشروعًا رقميًا واعدًا، هو أنها تُوصلك إلى نقطة التعادل منذ اليوم الأول. بخلاف معظم المشاريع التي تتطلب نفقات مبدئية قد تكون باهظة، فإن إنشاء مدونة على بلوجر لا يتطلب أي تكلفة مالية حقيقية.
فأنت لا تحتاج إلى: شراء استضافة دفع رسوم منصة أو حتى رأس مال مبدئي كل ما تحتاجه هو حساب جوجل، وبعض الجهد، ووقت للاستمرار والتعلّم.
وبالتالي، فإنك تبدأ مشروعك دون ديون أو خسائر، مما يضعك مباشرة في منطقة الأمان المالي. وإذا قررت لاحقًا الاستثمار في قالب احترافي أو إعلان مدفوع، فإن هذه الخطوات تُعد خيارات للتطوير والتوسع وليست متطلبات أساسية للعمل.
بكلمات بسيطة: مع بلوجر، لا تبدأ من تحت الصفر، بل تبدأ من نقطة التعادل نفسها.
لكن هذا ليس نجاح إن لم يدخل مال!
حين تبدأ مشروعك على بلوجر، فقد لا ترى العائد المالي في البداية، لكن هذا لا يعني أن المشروع فاشل، بل على العكس تمامًا، أنت على الطريق الصحيح، فقط تحلَّ بالصبر.
أولًا: منصة بلوجر لا تتطلب تفرغًا كاملاً. يمكنك ببساطة أن تخصص نصف ساعة يوميًا لقراءة جديد مجالك، ومتابعة المستجدات، ثم تدوّن موضوعًا جديدًا كل عدة أيام. هذا الجهد البسيط، عند الاستمرار عليه، يصنع فرقًا كبيرًا على المدى الطويل.
ثانيًا: الفائدة الحقيقية لا تقتصر على العائد المالي. مع كل موضوع تكتبه، ومع كل تصميم تعدله، ومع كل فكرة تصيغها، أنت تكتسب مهارات متعددة: في الكتابة والتعبير في استخدام الحاسوب وأدوات التدوين في التصميم وتنسيق المحتوى وفي الفهم الأعمق لمجال تخصصك
جرب أن تسأل أي مدوّن، حتى وإن لم يحقق أي دخل مادي من بلوجر:
هل تطوّرت معلوماتك ومهاراتك بعد دخولك عالم التدوين؟
ستكون الإجابة بكل تأكيد: نعم، وبشكل ملحوظ.
التدوين ليس فقط وسيلة للربح، بل وسيلة لبناء الذات وتطوير القدرات.
ومع الوقت، سيأتي المال كنتيجة طبيعية لهذا التطور المستمر.
لكن هناك خسائر دومين وقالب مدفوع وأعلان عن المدونة أيضاً؟
قد يدور في ذهنك الآن هذا الاعتراض:
"لا تقل لي إن هذه ليست متطلبات، فأنا أريد مدونة ذات قالب احترافي ودومين مدفوع."
وأقول لك: حسنًا، لا بأس، هذا حقك، ولكن دعنا نوضح الصورة كاملة.
منصة بلوجر تُعد من أقل المنصات تكلفة على الإطلاق، حتى إن قررت الاستثمار في بعض الكماليات.
سعر القوالب المدفوعة يتراوح بين 5 إلى 25 دولارًا فقط، وهو مبلغ زهيد جدًا مقارنة بقوالب المنصات الأخرى.
أما الدومين (اسم النطاق)، فسعره السنوي غالبًا ما يتراوح بين 10 إلى 20 دولارًا.
أي أن متوسط التكلفة للسنة الأولى بالكامل لا يتجاوز 25 دولارًا، أي ما يعادل نحو 7 سنتات يوميًا فقط!
هل تتخيل مدى ضآلة هذا الرقم أمام التكاليف الباهظة لبقية المنصات؟ إنه فرق كبير يجعل من بلوجر خيارًا منطقيًا لأي مبتدئ.
ولا تقف الفائدة عند هذه التكلفة الزهيدة، بل إنك خلال رحلتك ستكتسب مهارات قيّمة:
ستتعلم كيفية الدفع عبر الإنترنت.
ستتعرّف على منصات الخدمات المصغّرة وكيفية الاستفادة منها.
ستتعلم تثبيت القوالب المدفوعة والتعامل مع إعداداتها.
ستخوض تجربة شراء وربط الدومين، وهي تجربة مفيدة لأي شخص في العالم الرقمي.
ومع ذلك، أؤكد لك أن هذه الأمور تظل كمالية، وليست ضرورية للبدء.
فأنت قادر على إنشاء مدونة كاملة على بلوجر دون أن تدفع فلسًا واحدًا، والانطلاق منها إلى عالم التدوين بثبات وثقة.
في الواقع، أنت بهذه الخطوات تضع قدمك في عالم الإنترنت بثمن رمزي وتكتسب خبرة تساوي الكثير،
ولذلك لا أجد مبررًا لأي شخص يستخدم الإنترنت بانتظام ألا يملك مدونة بلوجر، ولو كتجربة أولى، تفتح له آفاقًا جديدة.
أما مسألة الربح من بلوجر، فهي ممكنة فعلًا، وسنتحدث عنها بالتفصيل في موضوعات قادمة بإذن الله.